چاويار نيوز – كتبت وكالة “العهد نيوز” الإخبارية، في تقرير لها اليوم الأربعاء، أن “ثماني سنوات مرّت على استفتاء إقليم كوردستان في 25 أيلول/سبتمبر 2017، وما تزال تداعياته الثقيلة حاضرة حتى اليوم. فبينما روّجت له القيادة الحاكمة وقتها على أنه بداية حلم الدولة الكوردية، تكشف التصريحات والمعطيات أن ما حدث كان أقرب إلى مغامرة شخصية – سياسية، تحوّلت إلى مصدر انهيار سياسي واقتصادي وأمني ما يزال المواطن يدفع ضريبته.”
وفي هذا السياق، قال المعارض الكوردي أوميد محمد، إن “الاستفتاء لم يكن سوى أداة سياسية لإبقاء مسعود بارزاني في السلطة”، مشيراً إلى أن “نتائجه انعكست سلباً على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في الإقليم. الاستفتاء كان خطوة شكلية لا أكثر، هدفها الأساس تثبيت بقاء بارزاني في منصبه، وهو ما فشل في تحقيق أهدافه، بعدما فقد الإقليم أكثر من 51% من أراضيه التي سيطر عليها الجيش العراقي عقب تلك الخطوة.”
وأضاف محمد، في تصريح للعهد نيوز، أن “الأوضاع الاقتصادية ازدادت سوءاً بعد الاستفتاء ولم تُحل حتى اليوم، فيما تراجع الوضع الأمني بشكل ملحوظ، إذ بات مقتصراً على حماية الحزبين الحاكمين وعائلتيهما، في حين فقد المواطن الكوردي الشعور بالأمان.”
كما أكد المعارض الكوردي أن “تداعيات الاستفتاء ما تزال مستمرة حتى الآن، حيث يدفع المواطن العادي ضريبة تلك الخطوة غير المدروسة، التي أضرت بمستوى المعيشة وأثقلت كاهل الناس اقتصادياً ومعيشياً.”
من جانبه، شدد السياسي والأكاديمي الكوردي حسين كركوكي، في حديث للوكالة، على أن “استفتاء إقليم كوردستان الذي جرى في 25 أيلول/سبتمبر 2017 لم يكن خطوة مدروسة لتأسيس دولة مستقلة، بل كان محاولة من الحزب الديمقراطي الكوردستاني ورئيس الإقليم آنذاك مسعود بارزاني، للهروب إلى الأمام في ظل أزمات داخلية متفاقمة.”
وتابع كركوكي أن “الاستفتاء لم يأتِ من فراغ، فقد سبقه أكثر من عام ونصف من الأزمات السياسية داخل الإقليم، أبرزها قيام الحزب الديمقراطي الكوردستاني بإغلاق برلمان كوردستان وطرد رئيسه الدكتور يوسف محمد، إلى جانب إبعاد وزير المالية ووزير البيشمركة المنتميين لحركة التغيير، فضلاً عن انتهاء مهلة التمديد لولاية مسعود بارزاني، ما جعل الوضع السياسي والدستوري في حالة فراغ خطير.”
كما أكد على أن “الأوضاع الداخلية كانت تتدهور يوماً بعد آخر، في وقت كانت الحرب ضد داعش في نهاياتها، وقد استغل الحزب الديمقراطي تلك اللحظة ليحاول فرض أجندته السياسية، بينما كانت الخلافات مع بغداد قائمة ولم تُحل، وكذلك المشاكل الاقتصادية والإدارية داخل الإقليم التي أثقلت كاهل المواطنين. بارزاني وحزبه الديمقراطي قدموا وعوداً كثيرة للناس في الانتخابات، ثم سعوا عبر الاستفتاء إلى دغدغة مشاعر المواطنين وإيهامهم بإمكانية إقامة دولة مستقلة.”
وأوضح السياسي الكوردي أنه “رغم أن الاستفتاء اثّر بشكل مباشر على حياة المواطن الكوردي، من موظف ومتقاعد وباقي شرائح المجتمع، حتى أصبحت الأزمات متواصلة بلا نهاية، فيما تحولت الأزمة المالية إلى مأزق خطير لا يمكن التنبؤ بنتائجه الكارثية على المواطنين، فإن التداعيات الأمنية للاستفتاء كانت جسيمة أيضاً، إذ خسر الإقليم أكثر من 51% من الأراضي التي كانت تسيطر عليها قوات البيشمركة.”
ولفت إلى أن “التركيز على خيار الانفصال عن العراق كان سبباً في الوصول إلى هذا الوضع المأساوي، بينما لو تم التركيز حينها على خدمة وحدة العراق أرضاً وشعباً لكانت الأوضاع السياسية والاقتصادية أفضل بكثير. السياسيون الذين قرروا المضي في خيار الاستفتاء يتحملون كامل المسؤولية عن تلك النتائج”، مبيناً أن “تبعات قراراتهم لم تمسهم بشكل مباشر، فيما كانت الكارثة الحقيقية على عاتق المواطن الذي دفع الثمن الأكبر.”
بدوره، شنّ المعارض السياسي والأكاديمي أحمد أمين، في تصريح للعهد نيوز، هجوماً لاذعاً على حصيلة ما بعد الاستفتاء، حيث قال أن “أخطر نتائج الاستفتاء كانت تكريس هيمنة الحزب الديمقراطي الكوردستاني على مفاصل الدولة، وتحويل مؤسساتها إلى أدوات شكلية تخدم مصالح عائلة البارزاني، فيما بقي المواطن يدفع الثمن من قوته اليومي وأمنه واستقراره”، مضيفاً أن “الاستفتاء لم يكن سوى غطاء لعمليات منظمة استهدفت السيطرة على كل الواردات النفطية وغير النفطية، وتحويلها إلى مصدر نفوذ للحزب الديمقراطي.”
وأكد أمين أن “الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يعيشها الإقليم اليوم هي نتيجة مباشرة لهذا الخيار. الإقليم يعيش انسداداً سياسياً غير مسبوق منذ 1992، حيث مضى عام كامل على الانتخابات الأخيرة دون تشكيل حكومة أو انتخاب لدولي والإقليمي رئاسة للبرلمان، فيما بقي البرلمان معطلاً والحكومة عاجزة عن أداء واجباتها”، مبيناً أن “هذا الانسداد انعكس بشكل مباشر على الوضع المعيشي، مع تأخر رواتب الموظفين لثلاثة أشهر، وصولاً إلى شلل تام في المستشفيات الحكومية وتعطيل العمليات الجراحية بسبب نقص التمويل.”
وأضاف أن “التداعيات لم تتوقف عند الجانب الاقتصادي، بل امتدت إلى الجانب الأمني، حيث شهد الإقليم صدامات خطيرة بين قوى وأطراف مختلفة مثل المواجهات الأخيرة بين جماعة لاهور جنكي وبافل طالباني، وقبلها النزاع بين الحزب الديمقراطي وعشيرة الهركي”، مؤكداً أن “هذه الاضطرابات مرشحة للتكرار في ظل غياب سلطة الدولة.”
كما أشار المعارض السياسي إلى إن “الاستفتاء شكّل لحظة مفصلية، لكنه استُخدم كغطاء لشرعنة نهب منظّم أدى إلى تفريغ مؤسسات الدولة من أهدافها الأساسية”، محذراً من أن “استمرار هذا النهج يهدد بانهيار ما تبقى من كيان الإقليم.”
واختتمت الوكالة تقريرها بأن “جميع التصريحات تجمع على أن استفتاء 2017 لم يكن خطوة لبناء دولة، بل مغامرة سياسية غير محسوبة قادت الإقليم إلى عزلة دولية، وخسائر اقتصادية وأمنية جسيمة، وانهيار مؤسساتي داخلي”، مضيفة أن “المواطن الكوردي وجد نفسه الخاسر الأكبر، إذ لم تتحقق له دولة ولا سيادة، بل فقد أراضٍ ومصادر رزق وأبسط مقومات الحياة الكريمة. وما دام النهج الحزبي الضيق مسيطراً على كل مفاصل السلطة، يبقى مستقبل الإقليم غامضاً، والمواطن هو الذي يواصل دفع الضريبة يوماً بعد آخر.”
No Comment! Be the first one.