چاويار نيوز – بعد مرور نحو 11 شهراً من إجراء الانتخابات التشريعية في إقليم كوردستان العراق، ما تزال الأحزاب الكوردية عاجزة عن تشكيل الحكومة، بعد أن أخفق برلمان الإقليم لأكثر من مرة في جمع النصاب القانوني للأعضاء الجدد، وتحديداً في الجلسات التي كان يتوقع منها فتح باب النقاش حول تشكيل الحكومة الجديدة، وواجهت الكتل الفائزة في البرلمان شرط الغالبية (النصف زائد واحد) لتشكيل الحكومة، وهو ما لم تحصل عليه أي من قوى الإقليم وأحزابه، بالإضافة إلى الشروط المسبقة لبعض الأحزاب التي تصر على نيل مناصب قيادية دون غيرها، مثل الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي ظلّ يطالب بمنصب رئيس الإقليم.
وفرضت نتائج الانتخابات في كوردستان التي أجريت في 20 أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، واقعاً صعباً، في أن يحقق أحد الحزبين الكبيرين الفائزين، الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وحده، وهي معادلة النصف زائداً واحداً، أي 50 مقعداً زائد مقعد واحد، في حين أن الأحزاب التي صارت تشكل بيضة القبان، بدت مترددة في الانحياز إلى أحد الفائزين، بسبب ضعف إمكانية الالتزام بتحقيق أهداف الأطراف الملتحقة بالفائزين الكبار، وهو ما يندرج ضمن قلة الثقة بين الأحزاب السياسية، ما أرجأ ولادة الحكومة العاشرة في إقليم كوردستان حتى الآن.
وفاز الحزب الديمقراطي الكوردستاني الحاكم في الإقليم، ويقوده مسعود بارزاني، بـ39 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 100 مقعد، تضاف إليها ثلاثة من مقاعد الأقليات التي فازت بها قوى مقربة منه، بينما يمتلك منافسه الاتحاد الوطني الكوردستاني، الحاكم في مدينة السليمانية، بقيادة بافل طالباني، 23 مقعداً، إضافة إلى مقعدين من مقاعد الأقليات. أما حراك الجيل الجديد الذي يرفع شعار المعارضة، فقد حصل على 15 مقعداً، يليه الاتحاد الإسلامي الكوردستاني الذي حصل على سبعة مقاعد، ثم تيار الموقف الوطني الذي فاز بأربعة مقاعد، وجماعة العدل الكوردستانية بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب جبهة الشعب بقيادة لاهور شيخ جنكي، الذي اعتُقِل مؤخراً بتهم الإخلال بالأمن العام وإثارة الفوضى، ومقعد لكل من حركة التغيير والحزب الاشتراكي الكوردستاني.
وتواصل موقع “العربي الجديد” الإخباري، مع مصادر سياسية من الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الحاكم في مدينة أربيل، وأكدوا جميعهم أن “فشل التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة الإقليم حصل بسبب تعنت الطرفين الأكبر سياسياً وانتخابياً (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني) بمطالبهما بشأن توزيع المناصب، وقد طالب الاتحاد الوطني بأن يتم احتساب نصف التشكيلة الوزارية، والحصول على منصب رئاسة الإقليم ووزارة الداخلية ونصف التشكيلات العسكرية ومجلس القضاء في الإقليم، وجميع هذه المطالب رفضها الحزب الديمقراطي”، مبينة أن “الاتفاق في النهاية جرى على أن يبقى رئيس الحكومة هو مسرور بارزاني، وتفعيل برلمان الإقليم لكن أحداث مدينة السليمانية واعتقال لاهور شيخ جنكي أرجأ الاتفاقات.”
وأضافت المصادر أن “الاتحاد الوطني كان قد وعد جمهوره في مدينة السليمانية بالحصول على مناصب مهمة في الإقليم، لكنه اصطدم برفض الحزب الديمقراطي، ما أدى إلى تحديث الاتفاق عبر منح قوباد طالباني (النجل الثاني لجلال طالباني) منصب نائب رئيس حكومة الإقليم، لكن بصلاحيات أكبر وأكثر من الحكومة السابقة، وتأجيل البحث في تشكيل الحكومة إلى ما بعد المشاركة في الانتخابات التشريعية في العراق المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وتوزيع الوزارات ببغداد بين الحزبين الكورديين ثم الاتجاه إلى تشكيل حكومة الإقليم”، مشيرة إلى أن “تشكيل الحكومة المقبلة في بغداد، وتوزيع المناصب على الحزبين الكورديين سيسهل من عملية تشكيل حكومة الإقليم، وأن الحزب الديمقراطي يريد أن يبقى الاتحاد الوطني حاصلاً على امتيازاته في بغداد، ومن ضمنها منصب رئيس الجمهورية كي يبقى تشكيل الحكومة في أربيل لصالح الاتحاد الوطني.”
وعقد الحزبان الكبيران في الإقليم، أكثر من 15 لقاء مباشراً للتفاهم على شكل الحكومة وبرنامجها، وتقاسم المناصب الرئيسة في الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه مستقل عن بغداد، منذ الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، إلا أن أي خطوات واقعية تجاه تشكيل الحكومة لم تظهر، وسط دعوات قوى كوردية معارضة إلى حل البرلمان، وإعادة تنظيم الانتخابات مرة أخرى. وسبق أن شدد زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، على أربعة مبادئ أساسية لتشكيل حكومة الإقليم، تتمحور جميعها حول “وحدة الصف”، مؤكداً في كلمة له، خلال مؤتمر سابق، أن “حكومة إقليم كوردستان المقبلة يجب أن تُشكّل وفق مبدأ الإقليم الواحد والحكومة الواحدة والبرلمان الواحد، مع وجود قوة بيشمركة موحدة، وأنه يجب العمل بجدية على منع الأعمال غير القانونية، مثل معامل إنتاج المخدرات أو الاتجار بها، والإرهاب، وأن تكون السيادة للقانون.”
من جهته، قال القيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني أحمد الهركي، إن “تشكيل حكومة إقليم كوردستان سيكون بعد تشكيل الحكومة الاتحادية في بغداد، نهاية العام الجاري”، مستكملاً حديثه مع “العربي الجديد”، أن “تأخير تشكيل الحكومات في العراق، بات حدثاً عاماً، وهو صفة سلبية أصابت الأحزاب بسبب الخلافات وتقاسم الحصص والوزارات والهيئات والمناصب الأمنية وغيرها.”
أما الباحث في الشأن السياسي الكوردي، ميران سعيد، فقد بيَّن أن “الحزبين الكبيرين والحاكمين في كوردستان العراق لم يتمكنا في الوصول إلى الأرقام التي تؤهل أحدهما لتشكيل الحكومة، وأن المطالب الصعبة للاتحاد الوطني دفعت الحزب الديمقراطي إلى منع أي حراك لتشكيل الحكومة”، موضحاً لـ”العربي الجديد”، أن “الأحزاب العراقية متهمة جميعها بأنها متمسكة بفكرة المحاصصة الحزبية والطائفية والمكوناتية، إلا أن الأحزاب الكوردية متمسكة ربما أكثر من بقية الأحزاب بهذا النهج، وعادة ما تصل إلى مراحل عقم الحوارات بسبب هذه المشكلة، وتأخر تشكيل الحكومة العاشرة في الإقليم دليل على ذلك.”
No Comment! Be the first one.